Skip to main content

جدائل من نور

لأنّكِ أنتِ الشعرُ، أعتقتُ ماردي وأحرقتُ ديواني، فنامي على يدي
وأدركتُ أني هاربٌ منذَ سبعةٍ وعشرين عامًا من عتابِ الوسائدِ
تقمّصتُ دورَ العاشقين، وليس لي من العشقِ إلا ذكرياتُ المساجدِ
فمن دعوةٍ، لا أطفأَ اللهُ وهجَها أخبّئُها في معطفي للشدائدِ
إلى فتنةٍ تُفضي إلى غيرِ فتنةٍ إلى ناهدٍ يفضي إلى غيرِ ناهدِ
أتوبُ، وأعصي اللهَ في كلّ مرةٍ فذلكَ من طبعي، وذا من عوائدي
لأنّكِ أنتِ الحربُ، أصبحتُ شاعرًا فجوّعتُ أبنائي، وأطربتُ حاسدي
ثقيلٌ عليّ الهمُّ، لكنْ حملتُهُ على ظهرِ أمّي، عندما انشلّ ساعدي
هربتُ، ولا أدري إلى أينَ، إنّما هربتُ من الدمعِ الذي في موائدي
وأخبرتُ أهلي أنّني لستُ راجعًا إليهمْ، إلى أنْ يقبلَ الشعرَ والدي
أتدرينَ معنى أنْ يرى المرءُ نفسَهُ بعينِ عذولٍ أو بأنيابِ ناقدِ؟
يقولون إنّ الشعرَ أدرى بأهلهِ يشيرُ إليهمْ واحدًا بعدَ واحدِ
لقد كنتُ وحدي أكتبُ الشعرَ، بينما تركتُ لأقراني كلامَ الجرائدِ
لأنّكِ أنتِ الحزنُ، لم تهوِ دمعةٌ من العينِ، إلا أتبعتْ ذكرَ جاحدِ
آذَتْني، أذاها اللهُ، أيّامي التي تقضّتْ بتركيّا، وأحرمها غدي
مضى العمرُ، يا سبعًا وعشرين خيبةً وما زال يبكيني غبارُ المقاعدِ
لأنّكِ أنتِ الشامُ، أرخصتُ ما مضى ومهرُ النوى غالٍ، فلا تتهاودي
على كلّ حالٍ، أنتِ يا شامُ أمّنا وأمُّ القلوبِ البيضِ، بيضِ الحقائدِ
تطوّفتُ بالأعرافِ، والدينِ، والنّهى ولم أرَ ذنبًا مثل صمتِ المحايدِ
ولم أرَ حرًّا حامدًا غيرَ رابحٍ ولم أرَ حرًّا رابحًا غيرَ حامدِ
ولم أرَ أثرى من خيامٍ ترقّعتْ بدمعِ اليتامى وانتظارِ المجاهدِ
وأفصحُ من كلِّ الدواوينِ نظرةٌ لمعتقلٍ، مختومةٌ بالحدائدِ
يساومُنا الأوغادُ من كلِّ فرقةٍ على الأرضِ، بالنفطِ الذي في العقائدِ
ألا خسئوا، واللهِ، هذي نفوسُنا ونحنُ بها، ما بينَ معطٍ وزاهدِ
إذا نفدَ البارودُ من كلِّ مدفعٍ حشوناهُ بالنارِ التي في القصائدِ
وإن قطعوا حبلًا من الودِّ بيننا وصلناهُ، كي لا ننحني بالسواعدِ
وإن قتلونا، حرّرتْنا قبورُنا لندفعَ عن أعراضِنا بالشواهدِ
كما نزلَ الناموسُ في حينِ غفلةٍ سيُبعثُ سيفُ اللهِ من قبرِ خالدِ

الشعر العمودي

البحر الطويل

قافية الدال (د)

القراءات: 30 قراءة